كتاب أصل التفاوت بين الناس على أمازون كيندل | ZONBARAK

زنبرك

أصل التفاوت بين الناس


أصل التفاوت بين الناس

يبدو لي أن معرفة الإنسان هي أنفعُ جميع المعارف البشرية وأقلها تقدمًا، وأجرؤ على القول بأن الكتابة الوحيدة على معبد دلف كانت تشتمل على حُكمٍ أهم وأصعب من جميع كتب علماء الأخلاق الضخمة، وكذلك فإنني أعُدُّ موضوع هذه الرسالة من أكثر المسائل، التي تستطيع الفلسفة أن تعرضها إمتاعًا، ومن أكثر المسائل، التي يستطيع الفلاسفة أن يحلوها، صعوبة -ويا للأسف- وذلك لأنه كيف يُعرف مصدر التفاوت بين الناس إذا لم يُبدأ بمعرفتهم؟ وكيف يأمل الإنسان أن يرى نفسه كما صنعته الطبيعة من خلال جميع التغيرات التي وجب أن يكون تعاقب الأزمان والأشياء قد أحدثها في نظامه الأصلي؟ وكيف يمكنه أن يميز ما هو أساسيٌّ في طبيعته من التغيرات أو الإضافات التي اتفقت لحاله الابتدائية ناشئةً عن الأحوال والترقيات؟ وتشابه النفس البشرية تمثال غلوكوس الذي بلغ من التشويه بفعل الزمن والبحار والعواصف ما صار معه يماثل حيوانًا ضاريًا أكثر من أن يماثل إلهًا؛ فغيرت تلك النفس في المجتمع بألف علةٍ متجددة بلا انقطاع وباكتساب طائفةٍ من المعارف والأضاليل، وبتحولات طرأت على نظام الأبدان وبتصادم الأهواء علىالدوام،غُيرت في المظهر ما نُكرت معه تقريبًا، فعاد لا يُرى فيها غير تناقضٍ مشوَّهٍ للهوى الذي يرى أنه يتعقل، وللإدراك الذي يغدو هذيانًا، وذلك بدلًا من كائنٍ يسير دائمًا وفْقَ مبادئ ثابتةٍ لا تتحول، وبدلًا من تلك البساطة العلوية الجليلة التي طبعها بها خالقها.

أحصل عليه الآن
حمّل تطبيق أمازون كيندل مجاناً